التخطي إلى المحتوى الرئيسي

العجوز وصورتنا النمطية

 


اليوم كنت في إحدى صالونات العاصمة الرياض أعتني بأظافري بعد أسبوع طويل ومرهق، لامانع من تدليل الذات بين الفينة والأخرى  اعتقد.. أسرح بخيالي في مهامي الاسبوعية تارة واتجاذب أطارف الحديث مع أختي الصغرى تارة أخرى، وحينها دخلت امراة كبيرة في السن، أستطيع تقييم عمرها في حوالي السبعين، تبدو ظاهريا كامرأة تقليدية عادية، لم يظهر منها أي اعتناء زائد، فخمنت أنها مرافقة لابنتها أو حفيدتها.

مافاجئني حقا حينما رفعت بنطلونها من تحت العباءة لتجلس على كرسي البديكير وبدأت العاملة بكشط وتفريك قدميها!

ذهلت فعلا من أفكاري والصورة النمطية التي رسمتها لها منذ لحظة دخولها المكان، قاد هذا تفكيري إلى نفسي، هل فكرت اني في هذا العمر سأذهب إلى الصالون للبديكير والمنيكير؟ صدقا لا أتخيل نفسي كذلك ولا أفهم الان ما الذي يمنعني من فعل ما أحبه حين أكبر؟.. واكتشفت حينها أن لدي صورة نمطية حتى عن نفسي كيف سأبدو في هذا العمر أو في تلك الحالة، وبدأت حينها أبحر بأفكاري لأحاول معرفة ماهي الصور النمطية الأخرى التي رسمتها لنفسي حاليا؟ ماهي الحدود التي رسمتها دون أن أدرك؟ ماهي الضغوطات التي زرحت تحتها دون وعي؟

تزوجت بداية هذه السنة ومنذ بداية زواجي أدركت شيئا يبدو بسيطا ولكن ظله عظيم على حياتي، بأن الحياة الزوجية التي عاشها والداي لن أطبق ولا حتى ربعها في حياتي حاليا.. وهذا مفهوم طبيعي فلكل زوجين طباع وطريقة وظروف واهتمامات وأهداف تختلف تماما عن كل الأزواج الآخرين في العالم، ولكن الذي لم أدركه حتى رأيت هذه العجوز هو أني كنت في صراع مع ذاتي منذ لحظة زواجي حول تصوري النمطي لدور الزوجة في المنزل، لدي صورة محدودة أرغب بتطبيقها لأني اعتقدت أنها الصورة الوحيدة للزوجة الجيدة، وعزز ذلك المجتمع والناس وما رأيت أمي تفعله في طفولتي، الآن أدركت أني حصرت نفسي في صورة نمطية وهمية تكونت في عقلي بناء على مؤثرات كثيرة لعبت دورا في تأطير دور محدد للزوجة الجيدة، أدركت أني زوجة جيدة بمعاييرنا نحن أنا وزوجي وهذا هو مايهم حقا..


هذا جزء من الصورة النمطية والأدوار التي حشرت نفسي فيها حشرا بتخيلات وحكم مسبق على حالتي وحياتي واختياراتي دون وعي..ماعلي فعله وعليكم فعله الان هو البحث في ذكرياتكم وفي حكمكم على الاخرين وعلى أنفسنا عن الصور النمطية الوهمية وبدء محاولة تطهير ومراجعة أفكارنا حول ذواتنا أولا ومن ثم ستنحل عقد كثيرة مع الآخرين.


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الموسوعة الفلسفة الشاملة: الجزء الأول من الفلسفة اليونانية.

اقتباسات من كتاب الموسوعة الفلسفة الشاملة: الجزء الأول من الفلسفة اليونانية، محمد عبد الرحمن مرحبا، عويدات للنشر والطباعة-لبنان، 2007. سأذكر في البداية صــ= صفحة ق=القسم ف=الفصل يلي ذلك عنوان الفصل،والعنوان الفرعي إن وجد ثم الاقتباس، وإن كان للاقتباس هامش وضعتُ * ، وإن كان لي تعليق وضعتُ ^ . صــ39 ،ق1، ف7، وظيفة الفلسفة و الفائدة منها : إن تأخرنا العلمي من تأخرنا العقلي والفلسفي، ولا بد من الانكباب على الفلسفة والعلوم العقلية لانجاب المفكرين والعلماء. إن علوم اليونان لم تدخل أرض الخلافة لو لم تدخلها فلسفة اليونان وعقلية اليونان. كما أن علوم العرب لم تدخل أوروبا اللاتينية لو لم تدخلها فلسفة العرب وعقلية العرب. وكذلك لا أمل لعلوم أوروبا أن تغزو بلادنا اليوم ما لم نتقبل الفلسفة الأوروبية وطريقة التفكير الأوروبي، وما ذلك إلا لأن الفلسفة إنما هي أساس العلم، ولأنه ما من ثورة اجتماعية أو دينية أو سياسية .. قامت إلا وكان وراءها فلسفة ما. فما التاريخ إلا فلسفات و أيدلوجيات وأفكار، وما الفلسفة إلا فتح مجهول وسيطرة على القدر. صــ43،ق1، ف7، وظيفة الفلسفة و الفائدة منها : "لا...

كتاب فلسفة الأسطور- أليكسي لوسيف

اقتباسات من كتاب فلسفة الأسطورة .. ألكسي لوسيف.. ترجمة منذر حلوم ...دار الحوار 2005 الطبعة الأولى،   Диалека мифа 1999 صـــ58: ليس فقط تلميذ المدرسة، بل وجميع العلماء البارزين لا يلاحظون أن عالم فيزيائهم، وعالم فلكهم عالم ممل للغاية، وخادع، ومثير للقرف أحيانا، وللجنون في أحايين كثيرة. إنه لا يتعدى أن يكون ذلك الثقب الأسود بالذات الذي يمكن للبعض أن يحبوه وأن يقرأوه. عبدة الثقوب، يقولون، إلى سيبيريا لا يُنْفَون. أما أنا فمشكلتي أنني لا أستطيع أن أفهم بحال من الأحوال كيف لهذه الأرض أن تدور. قرأت كتبا دراسية حول ذلك، وفي يوم من الأيام كنت أريد أن أغدو فلكيا، ليس هذا فقط، بل تزوجت من فلكية .. ومع ذلك تراني حتى الآن لا أستطيع إقناع نفسي بأن كل ما في الأمر أن الأرض تدور، وأنه ليست هناك أية سماء. هناك بندولات وانحرافات لأشياء ما، إلى جهة ما، انحرافات غير مقنعة. إنه عالم رخو، بكل بساطة. السؤال هنا يدور عن الأرض كلها، أما هم فيؤرجحون تلك البندولات، أهم ما في الأمر، أن هذا كله غير مريح، غير حميم، بل هو شرير وفظيع. فينما كنت أقف على الأرض تحت قبة السماء الحميمة أسمع ما يقال عن الكون كله "...

عودة وبداية!

مرحبا، هنا أنا من جديد، أعاود التدوين. حيث قررت ايقاف تويتر منذ نهاية نوفمبر، وتزاحمت الأفكار في ذهني كثيرا، أحتاج للتدوين، للتعبير بالطريقة التي أعرفها وأحبها وأتقنها، الكتابة. سيرافقني في العام 2020 الأربعة دفاتر للتدوين اليدوي-طريقتي المفضلة - المرفقة في الصورة. الدفتر الأول من اليسار: صفحاته خالية من أي خطوط أو نقاط، صفحات بيضاء سادة، حرة، تتيح لذهني تخيل الصورة النهائية للنص والرسومات ، قمت بشرائه من موقع Daycraft الغلاف مرن جدا، اللون الأسود يساعدني على التركيزواللون الذهبي يخترقه كبصيص نور الفجر في يوم غائم. الدفتر الثاني: لتنظيم المواعيد والواجبات والمهام والتخطيط السليم لليوم، اخترته بغلاف أصفر مشرق على غير عادة دفاتري للسنوات السابقة ذوات الألوان القاتمة وذلك كتعبيرا عن اتباعي لنمط جديد في الحياة والذي لازال خاضعا للتجربة والمحاولة حتى الآن، سأفصح عنه في تدوينة مستقلة بعد مضي أشهر من السنة الجديدة،تعمدت أن أختار هذه الجمة المطبوعة حيث اني دائما وأبدا أستعجل النتائج ولا أطيق صبرا لرؤية التغيير، فلعلها تكون تذكارا لي كل يوم لأصبر وأثابر لأصل،اشتريته من موقع Daycraft...